الكاتبة : ايمان الكعبي
إنه ثلاثاء جديد.. لا أدري لماذا يستهويني هذا اليومُ بالذات.. وأُحس أنه يومي… لكنه اليوم تحديدا، هو فعلا يومي..أوَ ليْس هو الثامن من مارس؟ هااااه بماذا يُذكِّركم؟ نعم..هو اليوم العالمي للمرأة..طبعا معشر الرجال حسنا أنكم وجدتم الإجابة الصحيحة وإلا حينها ربما ستُزعجون زوجاتكم (وإنْ كان الأمر أقل حدة على أية حال ممن ينسى يوم ميلاد زوجته.. وحينها حدِّث ولا حرج عن كمية الانزعاج )
كلما قلّبتُ أوراقَ أجندتي وطالعْتُ ذلك التاريخ المميز ( 8 مارس) إلا وانتابني شعور خاص وتملَّكني إحساس رائع، وكأنما الدنيا حِيزت لي بحذافيرها وأنني ملكة الكون التي تَرفل في أثواب السعادة.. أو أنني طفلة تطير في سماء البهجة فرحا.. ومرحا.
ليس غرورا أو نرجسية.. بل اعتبره من باب التحدث بنعمة الله تعالى، واعترافا بفضل وطني العزيز، إذا ما قلتُ إنني أفتخر بأنني بعد هذه الأعوام من حياتي، خُضت تجاربَ شتى نهلتُ فيها من رحيق العلم في صروح وطني ولا زال حلم طموحي مستمرا، وتنقَّلْتُ بين ميادين الأحداث ومنابر الإعلام ومسؤولياته وتشرفتُ بأن أتقلد مناصب عدة في إذاعتي الحبيبة إذاعة قطر، منها رئاسة تحرير الأخبار، وحاليا رئاسة قسم التواصل الاجتماعي، وتواجدتُ مع جمعية قطر الخيرية في مخيمات النزوح واللجوء على حافة ميادين الحروب لأعيش قصص الإنسان في أقوى تجلياتها والتي تركت في ما تركَتْ من صور ومشاهد تأبى أن تغادر ذاكرتي وغيّرتْ كثيرا من شخصيتي ونظرتي للحياة نحو شخصية أكثر نضجا وحكمة وقوة.
طبعا.. وحتما، لستُ غصنا بلا شجرة ولستُ حمامة تغرد خارج سرب.. لكنني تلك الطفلة التي رضعتْ من تلك المرأة العظيمة (والدتي) حليبَ الأصالة والنَّخوة والوفاء للوطن الغالي قطر..أنا – وأتشرَّف وأفخر- ذلك الشعاعُ من شمس الإنسانية المشرقة ونموذج المرأة القطرية، صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر حفظها الله التي ألهمت وأبهرت العالم بمبادراتها الخلاقة من أجل تنمية الإنسان في كل مكان.
أنا سليلة الأرض الطيبة المعطاء التي أخرجت المربية الفاضلة الراحلة شيخة أحمد المحمود أول سيدة قطرية برتبة وزير وفي الطليعة على مستوى الخليج..والتي شاءت الحكمةُ الإلهية أن تودّعنا في نفس اليوم (الأربِعاء 29 يناير 2020) الذي شهد تخريج أول طيارة مقاتلة قطرية وهي الملازم طيار «الجازي النصر». وبين مقاتِلة ومحارِبة في السماء..و»محارِبة» في الأرض اختلفتْ الميادين لكنها التقت عند نقطة واحدة هي تميز المرأة في قطر.
ومع ذلك..أخي الرجل..أيّاً كانت علاقتُك بالأنثى..أُماًّ أو زوجةً أو أختًا، راعِ دومًا تلك التركيبة البشرية الفريدة..قوِّها لا تُضعفها..أُجبُرها لا تكسرها..سانِدها لا تخذلها..واعلَم أنّ في داخل كل امرأة مَهْما بلغَت من العمر عتيا، طفلة بريئة لا تَكبر على اللعب، وأنثى لا تَكبر على الرقة والحنان.
قبل الختام..تحيتي من سويداء قلبي لزوجة كل شهيد في فلسطين وكل بلاد الإسلام وكل أم فقدت زوجها في أدنى الأرض وأقصاها شمّرت على ذراعيها فكانت أما وأبا لأبنائها.
آخر كلامي: في يومكن العالمي..مِن حقكن أن تفرحن وتفخرن…اليوم أقول، بـ»نون» النساء و»تاء» التأنيث التي لم تَعُد ساكنة ولا مكسورة، بل فاعلة.. إنني لو لم أكن قطرية..لتمنيت أن أكون قطرية.