إلى متى! . . . بقلم أبرار الناصر

قال الله تعالى في كتابه الكريم (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) إبراهيم: 24 ـ 27
أأصبحت الكلمة الطيبة ثقيلة على القلب و اللسان، و أصبح التجريح و الاستفزاز أمر سهل و هين بل أصبح يستهان به في كل موقع و مكان!
هل نسي البعض بأننا أمة مختلفة عن باقي الأمم لدينا ديننا الإسلامي وهو أسمى الأديان السماوية، ولدينا من علمنا وتعلمنا منه الأدب والخلق الرفيع وهو نبي المرسلين
محمد(ص) , و لقب بصاحب الخلق العظيم فقد قال الله تعالى ( و إنك لعلى خلق عظيم )
فلماذا لا نتحلى ببعض أخلاقه و صفاته، هل بسبب قلة المعرفة و الوعي بأنفسنا أم لقلة الوصايا الحسنة أم كلاهما معاً ! لنرجع للواقع المؤلم فالإجابة هي كلاهما معاً , نعم لا
تستغرب لأن كل شيء أصبح يستهان به و أصبحت الأنا طاغية و عالية من غير وعي بل تكبر و غرور و التفاخر بأشياء مرجعها لرب الكون , و لا تبالي بالغير و لا حتى تستشعر للطرف الآخر إلا من رحم ربي , فأصبح كلاً من يلقى الاحسان و الاطمئنان و جبر الخاطر لغيره من الندرة في هذه الحياة قال الله تعال ( و كثير من الأولين و قليل من الآخرين ) فنجدهم هم الأقلية و ربما صدفة جميلة يمنحنا الله بها لنعود لفكرنا و النظر لواقعنا من جديد , بل نعيد حساباتنا و سنوات عمرنا الذي مضت من غير فائدة و لا تأنيب الضمير و لا حتى تأسفت من الغير لتداوي ألم الجريح , كذلك نعدد من الذي يستحق أن نقول له أهلاً و مرحباً بك و أهلاً بك من جديد و من نقول له أنا أسمح لك بالرحيل إن تود الرحيل فالله معك بكل خطوة و بالتوفيق , و من يستحق أن نقول له أعذرني فأنا لا أستحق هذا الشيء القليل و الذي لا يعود إلي بالنفع و الفكر المنير , إلى متى و نحن لا نشعر بوجودنا بهذه الحياة و أن كل يوم يمر بنا و أرجلنا تقترب إلى أجل ما , و أن كل يوم هو منحة من الله و كل يوم يتلقانا ملك الموت و ينظر إلى وجوهنا خمس مرات , هل هذا لا يكفي ! أم تنتظر تلك الضربة القاضية التي تأتي من السماء لتصحو و تدرك ما أتيت به من فعل و كلام و أدى بك إلى مكان ليس له أي قيمة ما , و تتسبب و تسبب بجرح و ألم بسبب غفلة الشيطان , و بعدها يكون الوضع مؤسف و يا حسرتنا و وويلاه ! بل تذكر قول الله تعالى ( يوم لا ينفع لا مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) , فصدق النوايا و حسن الأخلاق و ترك الظنون السيئة بالآخرين ترتقي بالفرد و الفرد يؤثر و يلقى هذا الأثر بيوم ما بل يسجل عند الملكين اللذان لا نراهما , و ينتقل الأثر إلى جماعته و لكل من يحبه الرحمن , فنحن نعيش تحت ظل واحد وهي راية الإسلام و نحيا بأجمل و أطيب و بركة الدقائق و الساعات بقول الإحسان , و محاسبة و مراقبة أنفسنا بما نقوله ليعود علينا بيوم ما , فالقول أو الفعل هو لا يعود علينا فقط بل للآخرين أيضاً , رب كلمة خرجت من غير قصد رفعت بذلك الشخص و أصبح من أفضل العلماء و المبشرين في هذه الحياة , و ربما كلمة تفوهت بقصد لشخص ما كبير أم صغير لطفل أم جنين فترك ذلك الأثر من ذلك الحين , و لا تتوقع بأنها سوف تمر و تصبح كان يا مكان بل تذكرها لأنها سوف تعود عليك بنفس الموقف مع اختلاف الزمان .
فمثل ما تحبه أن تسمعه من غيرك إذا لا تقولها لغيرك حتى لا تكن فظاً و قاسي القلب و لا تلقى من هو يودك بإحسان , بل كن ذلك الشخص الذي ترك البصمة و الأثر و رحل أينما جلس و ذهب بكل مكان فجزاء الإحسان بالإحسان , و إنها من أفضل الأعمال قال رسول الله (ص) (و ما يوضع في الميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق ) وكذلك سوف نتحاسب على كل صغيرة و كبيرة , وعلى كل مخفي و مكشوف , فأنتبه على نفسك قبل فوات الأوان .