مقال :”تدوير الوظائف”.

الارتقاء في العمل وتطوير المهارات واعتلاء أعلى المناصب، أهداف يسعى إليها معظم العاملين في الدولة حتى يتمكنوا من التميز في عملهم.
ويحمل كثير من موظفينا طموحات كبيرة لتطوير إمكانياتهم، وتحسين أوضاعهم الوظيفية لضمان الوصول إلى مكانة مرموقة في عملهم وتولي أعلى المناصب الممكنة في الجهات التي يعملون بها.
ولكنهم في الغالب يصطدمون بمعوقات كثيرة تحول دون قدرتهم على تحقيق أحلامهم وطموحاتهم الوظيفية، بعض تلك المعوقات تكون شخصية، ولكن الكثير منها يتعلق بسياسة الجهة التي يعمل فيها الموظف وأساليب التطوير والتقييم والتدريب المتبعة فيها.
وإذا كنا نتكلم عن طموحات العاملين الحكوميين في الارتقاء إلى أعلى المناصب، فيجب ألا ننكر أن الدولة خلال السنوات الأخيرة قطعت شوطاً مهماً في توطين العديد من الوظائف ووضعت خططاً لتقطير المؤسسات والهيئات المختلفة.
ولكن علينا ونحن نسير نحو تحقيق خطط التقطير وتوطين الوظائف أن نتوقف مع أنفسنا قليلاً ونبدأ تقييم الأداء الوظيفي في كافة جهات الدولة، وهل تم تسكين الموظف المناسب في المكان المناسب أم أننا اكتفينا بفكرة التوظيف فقط دون دراسة عملية للوظيفة وطبيعتها وطبيعة الموظف وإمكانياته وما هي الوظيفة الأنسب له، وهل المسمى الوظيفي متطابق بالفعل مع ما يقوم به الموظف من مهام في عمل؟ وهل الموظف موجود بالفعل في الهيئة أو المؤسسة المناسبة له ولإمكانياته أم أنه يستطيع الإبداع والإنجاز بشكل أفضل في مؤسسة أخرى؟.
إن المعايشة العملية والفعلية لبيئة العمل في العديد من مؤسساتنا تكشف عن أن كثيراً من الموظفين يمارسون أعمالاً لا تتطابق مع مسماهم الوظيفي، فعلى سبيل المثال نجد موظفاً في إحدى الجهات مسماه الوظيفي «متخصص تحليل بيانات»، ولكن طبيعة عمله الفعلية قد تكون السكرتارية، وقد يكون اكتسب الخبرة والمهارة في عمل السكرتارية أكثر من تحليل البيانات، ما يجعل هذا العمل بالنسبة له هو الأفضل.
وهنا نشير إلى أن في مثل هذه الحالات، على ديوان الخدمة المدنية مسؤولية تطوير مهارات الموظف في العمل الفعلي الذي يقوم به ويمارسه، وأن يمنحه دورات تدريبية للارتقاء بمستواه الوظيفي في هذا العمل.
ويمكن أن نطلق مصطلح «إعادة تدوير الوظائف» بهدف تصحيح الوضع بين المسمى الوظيفي والعمل الفعلي.
واقترح على ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي، عندما ينظمون دورات تدريبية لصقل مهارات العاملين في أجهزة الدولة المختلفة أن يطلبوا من تلك الجهات أن تمدهم بالمهمات الفعلية التي يقوم بها الموظف وليس بمسماه الوظيفي، فالهدف هو تطوير العمل الفعلي الذي يقوم به الموظف وليس مجرد منح دورات لسد خانات في عمليات تطوير نظرية بعيدة عن الواقع العملي.
وعلى جانب آخر من الممكن أن يجيد الموظف في جهة ما أكثر من جهة أخرى بالرغم من أن طبيعة العمل لا تتغير فقد نجد موظف «تحليل بيان» في إحدى الجهات قادراً على الإنجاز والعطاء وإثبات قدراته ومهاراته، بشكل أفضل، إذا تم نقله إلى جهة أخرى.
إن الهدف هو الحصول من الموظف على أكبر قدر ممكن من الأداء المميز وتوجيهه إلى العمل الذي يناسب إمكانياته وقدراته ودراساته ومهاراته، حتى يستطيع الإبداع والتميز وتحقيق طموحه الوظيفي.
الأمر يحتاج من ديوان الخدمة المدنية مزيداً من الجهد والدراسات والتنسيق مع إدارات المؤسسات المختلفة لبلوغ الهدف المنشود.

الكاتبة : فاطمة أحمد الكواري